العباس المجنون

  

العباس المجنون
 ومنهم العباس المعروف بالمجنون، في الشوق مضنون، وعن الخلق مخزون، كان لمحبوبه ساهراً، وعن بني جنسه سائراً.
 حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن جعفر بن هانئ، قال: حدثني محمد بن يوسف البناء، عن إبراهيم الهروي، عن ابن المبارك قال: صدعت جبل لبنان فإذا برجل عليه جبة صوف مفتقة الأكمام، عليها مكتوب: لا تباع ولا تشتري. قد اتزر بمئزر الخشوع، واتشح برداء القنوع، وتعمم بعمامة التوكل. فلما رآني اختفى وراء شجرة فناشدته بالله فظهر، فقلت: إنكم معاشر العباد تصبرون على الوحدة، وتقاسون في هذه القفار الوحشة. فضحك ووضع كمه على رأسه وأنشأ يقول:          
  يا حبيب القلوب من لي سواكا                      ارحم اليوم مذنباً قد أتـاكـا
  أنت سؤلي وبغيتي وسروري                      قد أبى القلب أن يحب سواكا
  يا مناي وسيدي واعتـمـادي                      طال شوقي متى يكون لقاكا
  ليس سؤلي من الجنان نعـيم                      غير أنـي أريدهـا لأراكـا قال: ثم غاب عني فتعاهدت ذلك الموضع سنة لأقع عليه فلم أره. فلقيني غلام أبي سليمان الداراني فسألته عنه وأعطيته صفته، فبكى وقال: واشوقاه إلى نظرة أخرى منه. فقلت له: من هو? فقال: ذلك عباس المجنون، يأكل في شهر أكلتين من ثمار الشجر أو نبات الأرض، يتعبد منذ ستين سنة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ترجمة تاج العارفين سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه

كرز بن وبرة

الحسن البصرى