الشيخ الدردير

« الشيخ الدردير 1127 – 12058هـ هو الإمام أحمد بن محمد بن أحمد حامد العدوي المالكي الأزهري الخلوتي الشهير بالدردير ، ولد أحمد الدردير ببني عدي سنة 1127هـ وبني عدي كما جاءت في القاموس الجغرافي : بلدة كبيرة تابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط بحافة بساط الجبل غربي منفلوط . وهي ثلاث قرى القبلية والوسطى والبحرية .
ويقول الجبرتي أن من علماء بني عدي القطب الكبير والإمام الشهير العالم العلامة شيخ الإسلام أحمد الدردير . وأن السبب في تلقيبه بالدردير هو أن قبيلة من العرب نزلت ببلدهم كان كبيرهم يلقب بالدردير ، وكان مولد جده عند نزول هذه القبيلة فلقب بذلك ، فهو لقبه ولقب جده من قبله من بني عدي .
وقد أمضى أحمد الدردير طفولته الأولى ببني عدي فلما شب عن الطوق وحفظ القرآن وجوده وفد على الأزهر فأخذ عن كثير من شيوخه وخاصة عن الشيخين علي الصعيدي والحفني ، وتأثر بثانيهما روحياً فتصوف على يديه وتلقى منه الذكر وطريق الخلوتية حتى صار من أكبر خلفائه . ومما دل على تفوقه على أقرانه أن أساتذته سمحوا له بالإفتاء في حياتهم وفي حضرتهم . وكان يضرب به المثل في العفة والزهد والتقشف . كما كان مذهب النفس كريم الأخلاق ، ومن طريق ما يرويه الجبرتي عنه في هذا المقام أن مولاي محمد سلطان المغرب كان يرسل كل عام بعض الصلات إلى علماء الأزهر . وكان ابن هذا السلطان قد وفد على القاهرة في طريقه إلى مكة لتأدية فريضة الحج ، فتخلف بها فترة ونفذ ما معه من المال ، وتصادف في ذلك الوقت أن حضر رسول والده السلطان يحمل معه ما تعود إرساله من الصلات إلى العلماء ، فرفض الشيخ الدردير أن يتسلم نصيبه منها ، وقال : والله هذا لا يجوز ، وكيف أننا نتفكه في مال الرجل ونحن أجانب وولده يتلظى من العدم ، هو أولى مني وأحق فأعطوه قسمي .
ولما توفي الشيخ على الصعيدي عين تلميذه الدردير شيخنا على المالكية ومفتشا وناظر على وقف الصعايدة ورواق الصعايدة وكان شيخنا رحمه الله شجاعاً جريئاً لا تأخذه في الله لومة لائم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ومما يروى عن شجاعته التي أوردها الجبرتي والتي تدل على مبلغ ما وصلت إليه البلاد في العصر العثماني من فوضى وانحلال ، فهو يقول : حدث سنة 1200هـ يناير 1786م أن اعتدى أحد صناجق مراد بك على منزل أحمد سالم الجزار بالحسينية ونهب هو ورجاله كل ما به من متاع وأخذ على النساء فطار أهل الحي وذهبوا إلى الجامع الأزهر مسلحين بالنبابيت المسلوق وصعد منهم جماعة إلى أعلى المسجد يدقون الطبول ( كما كانت العادة في ذلك الوقت ) واستجاروا بالشيخ الدردير فقال لهم : ( في غد نجمع جميع أهالي الحي والحارات المجاورة وحتى بولاق ومصر القديمة واركب معكم وننهب بيوتهم كما ينهبون بيوتنا ونموت شهداء أو ينصرنا الله عليهم ) فلما كان بعد حضر سليم أغا ومحمد كتخدا الجلفي وغيرهم وقدموا للشيخ اعتذارهم عما كان وتعد هذه ثورة شعبية بطلها هو الشيخ الدردير ، وقد كسب الشعب منها مبدأ دستورياً جليلاً هو وجوب احترام الحاكم لإرادة المحكومين من أمراء المماليك وجلسوا في الغورية ثم ذهبوا إلى الشيخ الدردير وتكلموا معه وخافوا من تضاعف الحال ، وقالوا للشيخ أكتب لنا قائمة بالمنهوبات ، ونأتي بها من محل ما تكون ، واتفقوا على ذلك وقرأوا الفاتحة .
وقد بلغ من شهرة الشيخ الدردير وذيوع صيته ، وما عرف عنه من الزهد والتقوى أن بني له محراباً خاصاً كان يصلي فيه بجوار المحراب الذي انشأه عبد الرحمن كتخدا في الزيادة التي تقع خلف حائط القبلة القديمة ، وعرف المحراب باسم ( محراب الدردير ) . وقد ترك لنا الشيخ الدردير مؤلفات عدة أهمها ( أقرب المسالك لمذهب مالك ) ، رسالة في المعاني والبيان ، رسالة في طريقة حفص في القراءات رسالة متشابهات القرآن .
وكان الشيخ الدردير يختلي في زاوية له أنشأها في حي الكعكيين ( بالقرب من الغورية ) بعد عودته من تأدية فريضة الحج سنة 1191هـ وظل مقيماً بها حتى توفي في شهر ربيع الأول سنة 1201هـ فدفن بها . وقد زيد في مساحة هذه الزاوية بعد وفاته كما أعيد بناؤها وأصبحت مسجداً يؤدي فيه الجمعة والجماعة . ويتكون المسجد الآن من تخطيط مستطيل يشمل جزء منه على إيوان الصلاة ، وهو مربع الشكل به صفتان من الأعمدة الرخامية تعلوها عقود مدببة ، وتقسم هذه الأعمدة الإيوان إلى ثلاثة أورقة موازية لحائط القبلة وفي وسط الإيوان أقيمت فتحة من سقف المسجد مقامة على أربعة عقود ترتكز على أربعة من عمد الإيوان ، والقصد من هذه الفتحة إنارة وتهوية المسجد إذ توجد بها مجموعة من النوافذ وتعرف باسم ( شخشيخة ) والجزء الآخر من المسجد يشغل جزء منه ضريح الشيخ الدردير وهو عبارة عن غرفة مربعة تعلوها قبة مقامة على مقرنصات في الأركان . أما مدخل المسجد فيوجد في – الواجهة الشرقية له وهو يؤدي إلى قاعة توصل إلى إيوان القبلة كما توصل » .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحسن البصرى

كرز بن وبرة

ترجمة تاج العارفين سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه