ابوعمرو الاوزاعى



 أبو عمرو الأوزاعي
 ومنهم العلم المنشور، والحكم المشهور، الإمام المبجل، والمقدام المفضل، عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي، رضي الله تعالى عنه. كان واحد زمانه، وإمام عصره وأوانه، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم، مقوالاً بالحق لا يخاف سطوة العظائم.
 حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا سلم بن جنادة، حدثنا أبو سعد الثعلبي، قال: لما خرج إبراهيم ومحمد على أبي جعفر المنصور أراد أهل الثغور أن يعينوه عليهما فأبوا ذلك فوقع في يد ملك الروم الألوف من المسلمين أسرى - وكان ملك الروم يحب أن يفادي بهم ويأبى أبو جعفر - فكتب الأوزاعي إلى أبي جعفر كتاباً: أما بعد فإن الله تعالى استرعاك أمر هذه الأمة لتكون فيها بالقسط قائماً، وبنبيه صلى الله عليه وسلم في خفض الجناح والرأفة متشبهاً، وأسأل الله تعالى أن يسكن على أمير المؤمنين دهماء هذه الأمة، ويرزقه رحمتها، فإن سايحة المشركين غلبت عام أول، وموطؤهم حريم المسلمين، واستنزالهم العوائق والذراري من المعاقل والحصون، وكان ذلك بذنوب العباد وما عفا الله عنه أكثر، فبذنوب العباد استنزلت العواتق والذراري من المعاقل والحصون، لا يلقون لهم ناصراً، ولا عنهم مدافعاً، كاشفات من رءوسهن وأقدامهن، فكان ذلك. بمرأى ومسمع، وحيث ينظر الله إلى خلقه، وإعراضهم عنه، فليتق الله أمير المؤمنين وليتبع بالمفادات بهم من الله سبيلاً، وليخرج من محجة الله تعالى، فإن الله تعالى قال لنبيهوما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان  . النساء75.  لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً  .النساء 98. والله يا أمير المؤمنين ما لهم يومئذ في موقوف، ولا ذمة تؤدى خراجاً إلا خاصة أموالهم، وقد بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالإني لأسمع بكاء الصبي خلفي في الصلاة فأتجوز فيها مخافة أن تفتتن أمه  ، فكيف بتخليتهم يا أمير المؤمنين في أيدي عدوهم يمتهنونهم ويتكشفون منهم ما لا نستحله نحن إلا بنكاح? وأنت راعي الله، والله تعالى فوقك ومستوف منك، يوم توضع  الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين  . الأنبياء 47. فلما وصل إليه كتابه أمر بالفداء.
 

صفحة : 1018

  دثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن يزيد الحوطي - فيما أرى - حدثنا محمد بن مصعب القرقساني ح. وحدثنا عبد الله ابن محمد بن عثمان الواسطي - واللفظ له - حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، ومحمد بن مخلد، قالا: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، حدثني محمد بن مصعب القرقساني، حدثني الأوزاعي، قال: بعث إلى أبو جعفر أمير المؤمنين وأنا بالساحل فأتيته، فلما وصلت إليه وسلمت عليه بالخلافة، رد علي واستجلسني ثم قال: ما الذي أبطأ بك عنا يا أوزاعي? قلت: وما الذي تريد يا أمير المؤمنين? قال: أريد الأخذ عنكم والاقتباس منكم، قلت: يا أمير المؤمنين انظر ولا تجهل شيئاً مما أقول لك، قال: وكيف أجهله وأنا أسألك عنه وقد وجهت فيه إليك وأقدمتك له. قلت: أن تسمعه ولا تعمل به، قال: فصاح بي الربيع وأهوى بيده إلى السيف، فانتهره المنصور وقال: هذا مجلس مثوبة لا عقوبة، فطابت نفسي وانبسطت في الكلام، فقلت
: يا أمير المؤمنين، حدثني مكحول، عن عطية - يعني ابن بسر - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمأيما عبد جاءته موعظة من الله في دينه فإنها نعمة من الله سيقت إليه، فإن قبلها بشكر وإلا كانت حجة عليه من 

صفحة : 1019

  الله ليزداد بها إثماً ويزداد الله بها عليه سخطة  يا أمير المؤمنين، حدثني مكحول، عن عطية ابن بسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمأيما وال بات غاشاً لرعيته حرم الله عليه الجنة  يا أمير المؤمنين من كره الحق فقد كره الله، إن الله هو الحق المبين، يا أمير المؤمنين إن الذي يلين قلوب أمتكم لكم حين ولاكم أمرهم لقرابتكم من النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان بكم رؤوفاً رحيماً، مواسياً بنفسه لهم في ذات يده وعند الناس، فحقيق أن يقوم لهم فيهم بالحق، وإن يكون بالقسط له فيهم قائماً، ولعوراتهم ساتراً، لم تغلق عليه دونهم الأبواب، ولم يقم عليه دونهم الحجاب، يبتهج بالنعمة عندهم، ويبتئس بما أصابهم من سوء، يا أمير المؤمنين قد كنت في شغل شاغل من خاصة نفسك، عن عامة الناس الذين أصبحت تملكهم، أحمرهم وأسودهم، ومسلمهم وكافرهم، فكل له عليك نصيبه من العدل، فكيف إذا اتبعك منهم فئام وراءهم فئام، ليس منهم أحد إلا وهو يشكو بلية أدخلتها عليه، أو ظلامة سقتها إليه، يا أمير المؤمنين، حدثني مكحول، عن عروة بن رويم، قالكانت بيد النبي صلى الله عليه وسلم جريدة يستاك بها، ويروع بها المنافقين، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد ما هذه الجريدة التي كسرت بها قرون أمتك، وملأت قلوبهم رعباً، فكيف بمن شقق أبشارهم وسفك دماءهم، وخرب ديارهم، وأجلاهم، عن بلادهم، وغيبهم الخوف منه، يا أمير المؤمنين، حدثني مكحول، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة أن رسول لله صلى الله عليه وسلم دعا إلى القصاص من نفسه في خدشة خدش أعرابياً لم يتعمدها، فأتاه جبريل قال: يا محمد إن الله لم يبعثك جباراً ولا مستكبراً، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي فقال: اقتص مني، فقال الأعرابي: قد أحللتك بأبي أنت وأمي، ما كنت لأفعل ذلك أبداً، ولو أتت على نفسي، فدعا له بخير - يا أمير المؤمنين رض نفسك لنفسك، وخذ لها الأمان من ربك، وارغب في جنة عرضها السموات والأرض التي يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلملقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها  ، يا أمير المؤمنين، إن الملك لو بقي لمن قبلك لم يصل إليك، وكذلك لا يبقى لك كما لم يبق لغيرك، يا أمير المؤمنين تدري ما جاء في تأويل هذه الآية، عن جدك?:  ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها  . الكهف 49. قال: الصغيرة التبسم، والكبيرة الضحك، فكيف بما عملته الأيدي، وحدثته الألسن يا أمير المؤمنين بلغني، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: لو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضيعة لخفت أن أسال عنها، فكيف. بمن حرم عدلك وهو على بساطك? يا أمير المؤمنين أتدري ما جاء في تأويل هذه الآية، عن جدك?:  يا داود أنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى  . ص 26. قال: يا داود إذا قعد الخصمان بين يديك فكان لك في أحدهما هوى، فلا تمنين في نفسك أن يكون له الحق فيفلج على صاحبه، فأمحوك من نبوتي، ثم لا تكون خليفتي ولا كرامة، يا داود إنما جعلت رسلي إلى عبادي رعاء كرعاء الإبل، لعلمهم بالرعاية، ورفقهم بالسياسة، ليجبروا الكسير، ويدلوا الهزيل على الكلأ والماء، يا أمير المؤمنين إنك قد بليت بأمر عظيم لو عرض على السموات والأرض والجبال لأبين أن يحملنه وأشفقن منه، يا أمير المؤمنين، حدثني يزيد بن مزيد، عن جابر، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري: أن عمر بن الخطاب استعمل من الأنصار رجلاً على الصدقة، فرآه بعد أيام مقيماً، فقال له: ما منعك من الخروج إلى عملك? أما علمت أن لك مثل أجر المجاهدين في سبيل الله? قال: لا، قال عمر: وكيف ذاك? قال: لأنه بلغني أن رسول الله ص قالما من وال يلي من أمور الناس شيئاً إلا أتى به يوم القيامة فيوقف على جسر من نار فينتفض به الجسر انتفاضاً يزيل كل عضو منه، عن موضعه، ثم يعاد فيحاسب، فإن كان محسناً نجا بإحسانه، وإن كان مسيئاً انخرق به ذلك الجسر فهوى به في النار سبعين خريفاً  ، فقال له عمر: ممن سمعت هذا? قال: من أبي ذر، وسلمان، فأرسل إليهما عمر فسألهما، فقالا: نعم، سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: واعمراه، من يتولاها بما فيها? فقال أبو ذر من سلت الله أنفه، وألصق خده بالأرض. فأخذ أبو جعفر المنديل فوضعه على وجهه فبكى وانتحب 

صفحة : 1020

  حتى أبكاني، فقلت: يا أمير المؤمنين قد سأل جدك العباس النبي ص إمارة على مكة والطائف، فقال لهيا عباس يا عم النبي، نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها  هي نصيحة منه لعمه وشفقة منه عليه، لأنه لا يغني عنه من الله شيئاً، أوحى الله تعالى إليهوأنذر عشيرتك الأقربين  .الشعراء 214. فقال: يا عباس، يا صفية عمة النبي، إني لست أغني عنكم من الله شيئاً إلا لي عملي ولكم عملكم، وقد قال عمر رضي الله تعالى عنه: لا يقيم أمر الناس إلا حصيف العقل: أريب العقدة، لا يطلع منه على عورة، ولا يحنو على حوية ولا تأخذه في الله لومة لائم. وتال: السلطان أربعة أمراء؛ فأمير قوي ظلف نفسه وعماله، فذاك المجاهد في سبيل الله، يد الله باسطة عليه بالرحمة، وأمير ضعيف ظلف نفسه وأرتع عماله فضعف فهو على شفا هلاك إلا أن يرحمه الله، وأمير ظلف عماله وارتع نفسه فذلك الحطمة الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلمشر الرعاء الحطمة  فهو الهالك وحده، وأمير أرتع نفسه وعماله فهلكوا جميعاً.حتى أبكاني، فقلت: يا أمير المؤمنين قد سأل جدك العباس النبي ص إمارة على مكة والطائف، فقال لهيا عباس يا عم النبي، نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها  هي نصيحة منه لعمه وشفقة منه عليه، لأنه لا يغني عنه من الله شيئاً، أوحى الله تعالى إليهوأنذر عشيرتك الأقربين  .الشعراء 214. فقال: يا عباس، يا صفية عمة النبي، إني لست أغني عنكم من الله شيئاً إلا لي عملي ولكم عملكم، وقد قال عمر رضي الله تعالى عنه: لا يقيم أمر الناس إلا حصيف العقل: أريب العقدة، لا يطلع منه على عورة، ولا يحنو على حوية ولا تأخذه في الله لومة لائم. وتال: السلطان أربعة أمراء؛ فأمير قوي ظلف نفسه وعماله، فذاك المجاهد في سبيل الله، يد الله باسطة عليه بالرحمة، وأمير ضعيف ظلف نفسه وأرتع عماله فضعف فهو على شفا هلاك إلا أن يرحمه الله، وأمير ظلف عماله وارتع نفسه فذلك الحطمة الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلمشر الرعاء الحطمة  فهو الهالك وحده، وأمير أرتع نفسه وعماله فهلكوا جميعاً.
 وقد بلغني يا أمير المؤمنينأن جبريل عليه السلام أتى النبي ص فقال: أتيتك حين أمر الله عز وجل. بمنافيخ النار فوضعت على النار تسعر ليوم القيامة، فقال له: يا جبريل صف لي النار، فقال: إن الله أمر بها فأوقدت ألف عام حتى احمرت، ثم أوقد عليها، ألف عام حتى اصفرت ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة لا يضئ لهبها ولا جمرها والذي بعثك بالحق لو أن ثوباً من ثياب أهل النار أظهر لأهل الأرض لماتوا جميعاً، ولو أن ذنوباً من شرابها صب في ماء الأرض لقتل من ذاقه، ولو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكر الله تعالى وضع على جبال الأرض جميعاً لذابت وما استقرت، ولو أن رجلاً دخل النار ثم أخرج منها لمات أهل الأرض من نتن ريحه، وتشويه خلقه وعظمه. فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل لبكائه، فقال: أتبكى يا محمد وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر? قال: أفلا أكون عبداً شكوراً? و لم بكيت يا جبريل وأنت الروح الأمين أمين الله على وحيه? قال: أخاف أن أبتلي بما ابتلى به هاروت وماروت فهو الذي منعني من اتكالي على منزلتي عند ربي، فأكون قد أمنت مكره، فلم يزالا يبكيان حتى نوديا من السماء: أن يا جبريل ويا محمد إن الله تعالى قد أمنكما أن تعصياه فيعذبكما، ففضل محمد على الأنبياء كفضل جبريل على ملائكة السماء كلهم  .
 

صفحة : 1021

  وقد بلغني يا أمير المؤمنين أن عمر بن الخطاب قال: اللهم إن كنت تعلم أني أبالي إذا قعد الخصمان بين يدي على من قال الحق من قريب أو بعيد فلا تمهلني طرفة عين، يا أمير المؤمنين إن أشد الشدة القيام لله بحقه، وإن أكرم الكرم عند الله التقوى، أنه من طلب العز بطاعة الله رفعه الله، ومن طلبه بمعصية الله أذله الله ووضعه. هذه نصيحتي والسلام عليك. ثم نهضت فقال لي: إلى أين? فقلت: إلى البلد والوطن بإذن أمير المؤمنين إن شاء الله. فقال: قد أذنت وشكرت لك نصيحتك وقبلتها بقبول، والله الموفق للخير والمعين عليه، وبه أستعين وعليه أتوكل وهو حسبي ونعم الوكيل، فلا تخلني من مطالعتك إياي بمثلها، فإنك المقبول غير المتهم في النصيحة. قلت: أفعل إن شاء الله. قال محمد ابن مصعب فأمر له بمال يستعين به على خروجه فلم يقبله. وقال: أنا في غنى عنه وما كنت لأبيع نصيحتي بعرض من الدنيا كلها، وعرف المنصور مذهبه فلم يجد عليه في رده.
 حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا عبد الله ابن صالح العجلي، حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية، قال: كتب الأوزاعي إلى أخ له: أما بعد فإنه قد أحيط بك من كل جانب، وأعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة، فاحذر الله والمقام بين يديه، وإن يكون آخر عهدك به والسلام.
 حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا عبد الرحمن بن علي، عن هقل، عن الأوزاعي. أنه كتب إلى الحكم بن غيلان القيسي: قد أحببت رحمنا الله وإياك أن يقفك ما عملت من المراء وإن كان على ما تعلم فيه، وإن تجعل لمعادك في طرفي نهارك نصيباً، ولا يستفرغنك إيثار غيره، ودع امتحان من اتهمت، رضع أمره على ما قد ظهر لك منه، فإن ستر عنك خلافاً فاحمد الله على عافيته، وإن عرض لك ببدعة فأعرض عن بدعته، ودع من الجدال ما يفتن القلب، وينبت الضغينة، ويجفي القلب، ويرق الورع في المنطق والفعل، ولا تكن ممن يمتحن من لقي بالأوابد، وما عسى أن يفترى به أحد وليكن ما كان منك على سكينة وتواضع تريد به الله، وليعنك ما عنى
الصالحين قبلك، فإنه قد أعظمهم ثقل الساعة، فجرت على خدودهم من الخشوع دموعهم، وطووا من خوف على ظمأ مناهلهم، عناهم على أنفسهم وراحتهم على الناس. نسأل الله أن يرزقنا وإياك علماً نافعاً، وخشوعاً يؤمننا به من الفزع الأكبر، إنه أرحم الراحمين، والسلام عليك.
 حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، عن الأوزاعي. قال: سألني عبد الله ابن علي - والمسودة قيام على رؤوسنا بالكافر كوبات - فقال: أليس الخلافة وصية لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل عليها علي بصفين? قال: قلت: لو كانت وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حكم على الحكمين قال فنكس رأسه.
 حدثنا أبي، وأبو محمد بن حيان، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، حدثنا حكمة الجهلاء.عباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعي، قال: قال سليمان عليه السلام لابنه: يا بني عليك بخشية الله فإنها غلبت كل شيء، وبلغني أن سليمان عليه السلام قال: يا معشر الجبابرة كيف تصنعون إذا رأيتم الجبار. فترون قضاه? يا معشر الجبابرة كيف تصنعون إذا وضع الميزان لفصل القضاء، وقال سليمان عليه السلام: من عمل سوءً فبنفسه بدأ، وقال سليمان عليه السلام: كل عمى ولا عمى القلب، وقال سليمان عليه السلام: لهو العلماء خير من حدثنا أبو حامد الغطريفي، حدثنا أبو نعيم بن عدي، حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي، قال: قال الأوزاعي: لهو العلماء خير من حكمة الجهلة.
 حدثنا أبي، وأبو محمد بن حيان، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، حدثنا عباس بن الوليد أخبرني أبي، قال: سمعت الأوزاعي، يقول: بلغني أنه ما وعظ رجل قوماً لا يريد به وجه الله إلا زلت عنه القلوب كما زل الماء، عن الصفا، قال: وسمعت الأوزاعي، يقول: ليس ساعة من ساعات الدنيا إلا وهي معروضة على العبد يوم القيامة يوماً فيوماً وساعة فساعة، ولا تمر به ساعة لم يذكر الله تعالى فيها إلا تقطعت نفسه عليها حسرات، فكيف إذا مرت به ساعة مع ساعة ويوم مع يوم وليلة مع ليلة?.
 

صفحة : 1022

  وبإسناده قال: سمعت الأوزاعي يقول: إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً، وإن المنافق يقول كثيراً ويعمل قليلاً.
 حدثنا محمد بن معمر، حدثنا أبو شعيب الحراني، حدثنا يحيى بن عبد الله، حدثنا الأوزاعي، قال: بلغني أن في السماء ملكاً ينادي كل يوم ألا ليت الخلائق لم يخلقوا، ويا ليتهم إذا خلقوا عرفوا لما خلقوا له، وجلسوا مجلساً فذكروا ما عملوا.
 حدثنا محمد بن عمر بن سلم، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا المسيب بن واضح، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، قال: كان يقال: خمس كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعون بإحسان، لزوم الجماعة، واتباع السنة، وعمارة المسجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله.
 حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله ابن أحمد، حدثني الحسن بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي، حدثنا الأوزاعي، قال: رأيت كأن ملكين عرجا بي وأوقفاني بين يدي رب العزة، فقال لي: أنت عبدي عبد الرحمن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر? فقلت: بعزتك أي رب أنت أعلم، قال: فهبطا بي حتى رداني إلى مكاني.
 حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله ابن سلم القابني، حدثنا محمد بن منصور البهروني، حدثنا عبد الله ابن عروة، قال: سمعت يوسف بن موسى القطان يحدث، أن الأوزاعي قال: رأيت رب العزة في المنام فقال لي عبد الرحمن: أنت الذي لأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر? قلت: بفضلك يا رب، فقلت: يا رب أمتني على الإسلام، فقال: وعلى السنة.
 حدثنا أحمد بن علي بن الحارث الموهبي، حدثنا محمد بن علي بن حبيب، حدثنا سليمان بن عمر، حدثنا أبي، عن موسى بن أعين، قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا سعيد كنا نمزح ونضحك، فأما إذا صرنا يقتدى بنا، ما أرى يسعنا التبسم.
 حدثنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا أبو حفص عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي، قال: من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن علم أن منطقه من عمله قل كلامه، قال أبو حفص: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول: ما جاء الأوزاعي بشيء أعجب إلينا من هذا.
 حدثنا أحمد بن علي بن الحارث، حدثنا محمد بن علي بن حبيب، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن الوليد، قال: رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع، وقال عبد الله ابن أحمد، عن إبراهيم، عن بشر بن صالح، حدثنا عبد الله ابن محمد بن عثمان الواسطي، حدثنا عبد الله ابن أبي داود، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا أبو مسهر، حدثنا محمد بن الأوزاعي، قال: قال لي أبي: لو قبلنا من الناس كلما يعطونا لهنا عليهم.
 حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا أحمد بن أبي الحواري. قال: بلغني أن نصرانياً أهدى إلى الأوزاعي جرة عسل، فقال له: يا أبا عمرو تكتب لي إلى والي بعلبك، فقال إن شئت رددت الجرة وكتبت لك، وإلا قبلت الجرة و لم اكتب لك، قال: فرد الجرة وكتب له، فوضع عنه ثلاثين ديناراً.
 حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، حدثنا محمد بن مصفى وعمرو بن عثمان، قالا: حدثنا عبد الملك بن محمد، قال: كان الأوزاعي لا يكلم أحداً بعد صلاة الفجر حتى يذكر الله، فإن كلمه أحد أجابه.
 حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، قال: قال الأوزاعي: اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل. بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم. ولا يستقيم الإيمان إلا بالقول، ولا يستقيم القول إلا بالعمل، ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بالنية موافقة للسنة. وكان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل العمل من الإيمان والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم جامع كما يجمع هذه إلا الأديان اسمها، ويصدقه العمل فمن آمن بلسانه وعزف بقلبه وصدق ذلك بعمله فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدقه بعمله لم يقبل منه وكان في الآخرة من الخاسرين.
 قال الشيخ رحمه الله: الأوزاعي يكثر كلامه ومواعظه ورسائله، وهو أحد أئمة الدين وأعلام الإسلام اقتصرنا من أخباره على ما ذكرنا.
 ومن مسانيد حديثه ما

صفحة : 1023

  حدثناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد، حدثنا محمد بن يوسف بن الطباع، حدثنا محمد كثير المصيصي ح. وحدثنا عبد الله ابن جعفر، حدثنا إسماعيل بن عبد الله ح. وحدثنا محمد بن معمر ومحمد بن علي بن حبيش وأحمد ابن السندي في جماعة قالوا، حدثنا أبو شعيب الحراني، قالا: حدثنا يحيى بن عبد الله الحراني، قالا: حدثنا الأوزاعي، حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو جعفر، حدثني سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالمثل الراجع في صدقته كالكلب يأكل ثم يقيئ فيرجع في قيئه فيأكله  .
 صحيح من عيون حديث الأوزاعي حدث عنه يحيى بن أبي كثير وعبد الله ابن المبارك والمتقدمون من أصحابه كهقل وبقية والوليد وغيرهم، فأما حديث يحيى عنه فحدثناه سليمان بن أحمد، حدثنا حفص بن عمر الرقي، حدثنا أبو معمر المقعد، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن محمد بن علي أن سعيد بن المسيب حدثه أن عبد الله ابن عباس حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالإن الذي يتصدق ثم يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيئ ثم يعود في قيئه  ورواه حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن الأوزاعي مثله ويحيى بن أبي كثير من التابعين أدرك غير واحد من الصحابة أحد من يدور عليه علم الآثار ارتفع الأوزاعي برواية يحيى عنه والأوزاعي من أروى الناس، عن يحيى بن أبي كثير وأكثرهم أخذاً عنه. وحديث ابن المبارك فحدثناه أحمد بن إسحاق، حدثنا عبد الله ابن أبي داود، حثنا محمد بن آدم المصيصي، حدثنا عبد الله ابن المبارك، عن الأوزاعي قال سمعت أبا جعفر يحدث، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قالمثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يعود في قيئه فيأكله  . اتفق الإثبات والكبار، عن الأوزاعي على لفظ الصدقة، وبعضهم رواه على لفظ الهبة. وخالف إسماعيل بن عياش الأوزاعي فرواه، عن الزهرى، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقولالعائد في هبته كالكلب يعود في قيئه  . ورواه مسلم بن علي، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس تفرد به عنه ابن عمارة.
 حدثنا محمد بن علي، حدثنا محمد بن عبد الله الطائي، حدثنا محمد ابن عوف، حدثنا أبو اليمان، حدثنا ابن عياش، عن عبد الرحمن بن عمرو، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقولالعائد في هبته كالكلب يعود في قيئه  .
 ورواه مسلمة بن علي، عن الأوزاعي فخالف أصحابه، وابن عياش فقال عن الأوزاعي، عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس تفرد به عنه هشام بن عمار.
 حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا الحسن بن جرير الصوري، حدثنا إسماعيل بن أبي الزناد - من أهل وادي القرى - حدثني إبراهيم - شيخ من أهل الشام - عن الأوزاعي، قال: قدمت المدينة فسألت محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن قوله عز وجليمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب  . الرعد 39. فقال: نعم، حدثنيه أبي، عن جده علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاللأبشرنك بها يا علي فبشر بها أمتي من بعدي، الصدقة على وجهها، واصطناع المعروف، وبر الوالدين، وصلة الرحم تحول الشقاء سعادة، وتزيد في العمر، وتقي مصارع السوء.
 غريب تفرد به إسماعيل، عن أبي الزناد وإبراهيم بن أبي سفيان. قال أبو زرعة: سألت أبا مسهر عنه فقال من ثقات مشايخنا وقدمائهم.
 

صفحة : 1024

  حدثنا حبيب بن الحسن وعبد الله ابن محمد، قالا: حدثنا عمر بن الحسن أبو حفص القاضي الحلبي، حدثنا عمد بن كامل بن ميمون الزيات، حدثنا محمد بن إسحاق العكاشي، حدثنا الأوزاعي، قال: قدمت المدينة في خلافة هشام فقلت: من ههنا من العلماء? قالوا: ههنا محمد بن المنكدر، ومحمد بن كعب القرظي، ومحمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، ومحمد بن علي بن الحسين بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: والله لابد أن بها قبلكم، قال: فدخلت المسجد فسلمت فأخذ بيدي فأدناني منه، قال: من أي إخواننا أنت. فقلت له: رجل من أهل الشام، فقال: من أي أهل الشام. فقلت: رجل من أهل دمشق، قال: نعم، أخبرني أبي، عن جدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولللناس ثلاثة معاقل فمعقلهم من الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكية دمشق، ومعقلهم من الدجال بيت المقدس، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج طور سيناء  .
 حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن ومحمد بن علي بن حبيش، قالا: حدثنا أبو شعيب الحراني، حدثني أبي، حدثنا مسكين بن بكير، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن أنس بن مالكأن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائماً  .
 تفرد به مسكين بن بكير، عن الأوزاعي، وحدث به أبو حاتم، عن أحمد بن أبي شعيب، عن مسكين.
 حدثنا أبو عبد الله ابن أحمد بن علي بن مخلد، حدثنا يوسف بن الطباع، حدثنا محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قالقيل: يا رسول الله ما بر الحج? قال: إطعام الطعام، وطيب الكلام  . لم يوصله من أصحاب الأوزاعي إلا أيوب بن سويد ومحمد بن مصعب.
 حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا محمد بن أيوب بن سويد، حدثني الأوزاعي، عن ابن المنكدر، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا مات العبد كانت الصلاة عند رأسه، والصدقة عن يمينه والصيام عند صدره  . وذكر حديث القبر نحو حديث البراء.
 غريب من حديث الأوزاعي وابن المنكدر، وتفرد به محمد بن أيوب، عن أبيه.
 حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن مسعود الدمشقي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، حدثنا صدقة بن عبد الله، عن الأوزاعي، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قالمن أبلى خيراً فلم يجد إلا الثناء فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره، ومن تحلى بباطل فهو كلابس ثوبي زور  .
 كنا رواه صدقة عن الأوزاعي، عن أبي الزبير وأسمه محمد بن مسلم بن تدرس، وتفرد به. والحديث مشهور بأيوب بن سويد، عن الأوزاعي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر.
 حدثنا أبو عبد الله ابن محمد بن أحمد بن علي، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا الأوزاعي، عن محمد بن عجلان، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمالإيمان بضع وستون خصلة، أكبرها شهادة أن لا إله إلا الله، وأصغرها إماطة الأذى عن الطريق  . ورواه محمد بن مصعب وغيره، عن الأوزاعي والحديث عنه مشهور.
 حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا أبو عاصم النبيل،. عن الأوزاعي، عن محمد بن موسى - أو ابن أبي موسى - عن القاسم ابن مخيمرة أن أبا موسى، قالأتى النبي صلى الله عليه وسلم بنبيذ ينش، فقال: اضرب بهذا الحائط، فإنما يشرب هذا من لا يؤمن بالله واليوم الآخر  .
 محمد بن أبي موسى هو مولى أبي أمية فارسي الأصل نقلهم معاوية إلى بيروت، وهذا الحديث حدث به، عن الأوزاعي من التابعين قتادة، ومن الأئمة والأعلام يحيى بن سعيد القطان، وروح بن عبادة، في آخرين فأما حديث قتادة فحدثناه محمد بن حميد بن سهيل، حدثنا محمد بن هارون، حدثنا حوثرة بن محمد المنقري، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن الأوزاعي، عن محمد بن أبي موسى، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي موسى الأشعري، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بنبيذ من جريرة له نشيش، فقالاضرب بهذا الحائط فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر  .
 وحديث يحيى القطان وروح

صفحة : 1025

  حدثناه أحمد بن إسحاق، حدثنا عبد الله ابن أبي داود، حدثنا محمد بن بشار بن بندار، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ح. وحدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا علي بن إسحاق بن زاطيا، حدثنا محمد بن حسان، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا الأوزاعي، عن محمد بن أبي موسى مثله.
 ذكر طوائف من النساك والعباد: قال الشيخ رحمه الله تعالى عليه: قد تقدم ذكر طبقات من الصحابة والتابعين وتابعيهم على ترتيب أيامهم وبلدانهم حسبما أذن الله تعالى فيه ويسره فله الحمد والمنة.
 وعزمنا على ذكر طوائف من جماهير النساك والعباد، المذكورين بالكد في الاجتهاد، والجد في التشمر والاستعداد، راغبين عن الاغترار بالزائل الفاني، سابقين إلى السامي النامي.
 واعلموا أن الذين تقدم ذكرهم من الصحابة والتابعين فإن مثلهم في الناس كمثل المعادن والجواهر الذين لا يعرف مقامهم ومراتبهم إلا المستنبطون والغواص، والأكابر من السادة والخواص، لأنهم كانوا أعمدة الدين والأساس.
 وهنه الطبقة التي قد عزمنا على الشروع في ذكرهم فهم قوم أيدوا بطرف من المعارف، وكوشفوا ببعض طرف الملاطف، فقطعوا به المفاوز والمخاوف، وطيبوا ببعض نوافج الأطايب والعواطف، فسبيلهم في الناس، كالرياحين والآس، إذا أراد الله تعالى إنعاش بعض المجتذبين، واختطاف بعض المجتلبين، هطل على هذه الطبقة طشاً من سحائب لطفه، وأهب عليهم نسمة من رياح عطفة، فيثير منهم نسيماً مما خصهم به من كراماته، فأيدهم به من آياته، يهيج بهم الوافدين، وينبه بهم الواسنين، لتكون طرق الحق في كل الأعصار مسلوكة، ولئلا توجد الأدلة والحجج متروكة، وهم أولياء الله وأصفياؤه، الذين يذكر الله برؤيتهم، ويسعد متبوعهم بصحبتهم ومحبتهم، فذكرنا لكل واحد من أعلامهم شاهد أحواله، وظاهر أقواله. وهم أخلاط من العباد، وعدلنا عن ترتيب أيامهم والبلاد، فمن اشتهر بالرواية ذكرنا له حديثاً فما فوقه، ومن لم تعرف له رواية اقتصرنا من كلامه على حكاية، والله خير معين، وبه نستعين

تعليقات

  1. Emperor Casino: 50 Free Spins No Deposit Bonus
    The Emperor casino offer 50 no deposit 샌즈카지노 bonus spins at 카지노사이트 one of the casinos that you can use your free spins to play. For the good of 제왕 카지노 you, try out

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الحسن البصرى

كرز بن وبرة

ترجمة تاج العارفين سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه