محمد بن الحسين الخشوعى



  
محمد بن الحسين الخشوعي
 ومنهم المزين بالخشوع، الممكن للخضوع، كانت العبادة حرفته، والتلذذ بالعبرة شهوته، له الكلام البليغ في تأديب النساك والعباد، تخرج به جماعة من السباق والرواد. منهم أبو الحسن علي بن أحمد بن المرزبان الأسواري وطبقته، وسليم بن عبد الله بن المرزبان أبو بكر الواعظ وشيعته، وبعدهما من المذكورين والمشهورين عبد الله بن محمد بن صالح، وأبو عثمان بن أبي هريرة، ومن نحا نحوهم في النسك والعبادة، تمسكوا بالشرع المشروع، والمنهج المتبوع. اقتدوا بالآثار، وتخلقوا بأخلاق العباد والأبرار، من الصيام الدائم، والقيام اللازم، والقلب الفارغ الهائم. أبو عبد الله بن الحسين الخشوعي.
 

صفحة : 1949

  فمما نقل عنه من كلامه أنه كان يقول: حياة الصديقين في المراعاة، وروح حياتهم القدوة والاقتداء بأوامر الأنبياء وأحوالهم، وحياة أرواحهم بالطاعة وذوق تصحيح سلوك سبيل الأئمة، وتواتر اللطف والمبار.
 وكان يقول: من لزم الخدمة ورث منازل القربة، ومنازل القربة تورث حلاوة الأنس.
 حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الواعظ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الخشوعي، حدثنا جعفر بن أمية، حدثنا محمد بن أيوب الرازي، حدثنا الأصمعي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود قال: همان لابد للمؤمن منهما: هم المعاش وهم المعاد.
 حدثنا أبو مسلم محمد بن إبراهيم الغزال -في داره قراءة عليه- قال حدثني محمد بن الحسين الخشوعي العابد، حدثنا الحسين بن عبد الله بن الحسن، حدثنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا يحيى، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  من أتى عرافا يسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة  .
 ذكر المشهورين بالعبادة من أهل الشام ومن المشهورين بالنسك والعبادة من عباد الشام واقتصرنا على تسميتهم. فمنهم: عامر بن ناجية. والحسن بن محمد بن مزيد، لقى ذا النون، وأحمد بن أبي الحواري. والحسن بن علي بن سعيد أبو علي السنبلاني، يعد من الأبدال. وزيد بن بندار البجائي أبو جعفر، صام هو وابنه وامرأته أربعين سنة. ويسار بن مسهر من العباد. ومحمد بن جزي العابد. ومحمد بن العباس بن خالد. وأبو عبد الله المحدث. ومحمد ابن عيسى بن يزيد السعدي. وأبو بكر الطرسوسي. ومسعود بن يزيد. وأبو عمران موسى بن إبراهيم الصوفي. وعمر بن عبد الرحيم بن شبيب المقري. وعبيد الله بن أحمد بن عقبة المحدث. ومحمد بن الحسين الجوربي، صحب سهل بن عبد الله، كان من التعبد والاقتداء والاتباع للسلف الماضين بالمحل الرفيع.
 سمعوا الآثار واستعملوها في مدى الأيام الأيام والساعات فعمروها. عدوا من البدلاء. كانت أدعيتهم مجابة، ولهم يد في قلوب الولاة مهابة.
 وبعدهم طائفة تخرجوا بمحمد بن يوسف البنا، وإن كانوا اختاروا التجرد والتخلي من فضول الدنيا ورفضها، وحذف العلائق والعوائق ونبذها، ومداومة التشمير والاستباق.
 ومنهم أبو عبد الله الصالحااني الفقيه. وأحمد بن جعفر القطان. وأحمد بن ميمون. وأبو جعفر أحمد بن قادة. وأبو بكر بن خارج. وعبيد الله بن يحيى أبو عبد الرحمن المديني. وأحمد بن محمد بن عمر بن أبان العبدي. كانوا يرجعون إلى أحوال حميدة وبيان وبصيرة.
 وممن أدركناهم وأدركنا أيامهم وصحبوا محمد بن يوسف وسمعوا منه: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن سياه المذكور. ومحمد بن جعفر بن حفص المعدل المغازلي. وأبو بكر محمد بن عبد الله بن ممشاذ المعروف بالقنديل القوال. وأحمد بن بندار بن إسحاق الفقيه الشعار. وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن الكسائي المقري. وعبد الرحمن بن محمد بن ششتاه القرمطي المؤذن، وسمعت أبا محمد بن حيان يقول وحكى له عنه حكايات وذكر أنه كان يزوره مع والده محمد بن جعفر في الجمعات وقال: سمعته يروي عن سليمان بن شبيب وعبيد الله بن يزيد أخي رستم. وأبي مسعود، ولم أكتب عنه. فلما رأى في تصانيفه روايته عن حسين المروزي وعبد الجبار بن العلاء كان يتحسر لما فاته من حديثه. هؤلاء قد صحبوه ورووا عنه الآثار.
 وأما الذين تخرجوا بعلي بن سهل وأبي عبد الله الصالحاني فجماعة يكثر تعدادهم، غير أن المتقدمين الذين لهم الحال المكين: أبو بكر عبد العزيز بن محمد بن الحسن الخفاف الواعظ، وأبو بكر عبد الله بن إبراهيم بن واضح وأخوه عمر، وأبو جعفر محمد بن الحسين بن منصور وأخوه علي بن الحسين.
 وختم التحقيق بطريقة المتصوفة بأبي الحسن علي بن ماشاذه، لما أولاه الله من فنون العلم والسخاء والفتوة، وسلوكه مسلك الأوائل في البذل والعطاء والإنفاق، والتبري والتعري من التملك والإمساك. وكان عارفاً بالله عالماً، وفقيهاً عاملاً، عالماً بالأصول وبارعاً في الفروع، له من الأدب الحظ الجزيل، والخلق الحسن الجميل.
 رزقنا الله تعالى ما رزقهم من الإقبال عليه والانقطاع إليه، وجمعنا وإياهم بطوله في سائر أرضه وبحبوبة جنته، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
 

صفحة : 1950

  قال المؤلف: هذا آخر ما أمليته يوم الجمعة سلخ ذي الحجة سنة اثنين وعشرين وأربعمائة.
 والحمد لله وحده أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
 تم بحمد الله 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كرز بن وبرة

الحسن البصرى

ترجمة تاج العارفين سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه